إنه من المدهش حقاً! - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


إنه من المدهش حقاً!
رامز الصفدي - 31\05\2013
انه من المدهش حقاً ان يرى الانسان، رغم هذه الحقيقة، في شغف زائد لاستنفاد ساعات عمره، مهما كانت الحال التي هو فيها. وفي الذ ساعات الانسان، كما في امرها، يرى دائماً بترقب الساعة الاتية بشوق، مستطلعاً ما فيها من المخبآت... في الصباح ينتظر المساء، وفي اليل يترصد الصباح، وكأن الساعه التي هو فيها لا تعجبه، مهما كانت احواله فيها.
ينتظر الطفل بفارغ الصبر الساعة التي يرى نفسه فيها شاباً، شوقاً للزمن الذي يصبح فيه رجلاً. يسعى الرجل حثيثاً ما بين ساعات أيامه ليأمن كهولة محترمة. وطالما شوهد الكهل متطلعاً دائماً الى الغد، وغير راضي عن الساعة التي هو فيها، ومستطلعاً مخبآت االساعة الاتية. وفي أطيب ساعات العمر ينظر المدقق ويراقب عقارب الساعه حيناً بعد حين، ليرى نفسه مسيراً بنزعة حب الاستكشاف وما يخبئه القدر له ساعة بعد ساعة. وننفق ساعات العمر تحت وطأة هذه النزعة، وهي دقائق تطوى والى الابد، بدون ان نبرهن لمن وهبنا هذه الساعات المحدودة، اننا أهل للحياة، دون التأهب الكافي لاجتياز الامتحان.

ماذا بعد الساعه التي نحن فيها ؟
الجواب واحد من أمرين: إما تكون الساعة الاتية أحسن، وإما أن تكون أنحس. وليس من المنطق بأن تكون مثل الساعة الحالية.
إن مبدع الكون، جل جلاله، جعله في حركة دائمة وفي تبدل مستمر غير مستقر، ولذا قيل: كل حال يزول. إن كان الانسان يفتكر بان الساعة الاتية ستأتي أحسن، فعليه أن يقف بخشوع، واعظاً ذاته قائلأ: قد لا ألاقي ساعة آتية، إذ أن المنية آتية بغتة، لا ريب فيها. وقد لا يصدق ضني فيها. إذن، فعلي بالساعة التي أنا فيها. أستفيد منها جل الفائدة. إن لم يكن كلها، بما فيه الشرف والفخر والكرامة تجاه الله وعباده، فأجتاز الامتحان... وإن كان الانسان يظن ان الساعة الاتية أنحس من الساعة الحاضرة، ويعتقد أنه في موقف حرج، أو مقبل على خطر، فليقف متمسكاً مدققاً بحقيقة الحياة، معلناً على الملأ، بأن هناك من أبناء جنسي من هم اشد حرجاً مني، و هم يجتازون المراحل الصعبة والعصيبة بفطنة وحكمة، آملين الفرج وتبدل الأحوال، فعلي ان اكون صبوراً راضياً على ساعتي، واجتازها بدراية.
ساعات العمر محدودة، فلا يليق بالعاقل إنفاقها بدون جدوى. إنها ساعات امتحان الانسان للانا، فليجتزها بتعقل وفخر واعتزاز. ومحدوده ساعات عمرك.. لا تعود، فانفق دقائقها بما يرضي الله والضمير والوجود...